سورة الزخرف - تفسير تفسير الألوسي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الزخرف)


        


{بَلْ مَتَّعْتُ هَؤُلَاءِ وَآَبَاءَهُمْ حَتَّى جَاءَهُمُ الْحَقُّ وَرَسُولٌ مُبِينٌ (29)}
{بَلْ مَتَّعْتُ هَؤُلاَء} أي أهل مكة المعاصرين للرسول صلى الله عليه وسلم {وَءابَاءهُمْ} بالمد في العمر والنعمة {حتى جَاءهُمُ الحق} دعوة التوحيد أو القرآن {وَرَسُولٌ مُّبِينٌ} ظاهر الرسالة بما له من المعجزات الباهرات أو مبين للتوحيد بالآيات البينات والحجج القاطعات، والمراد بالتمتيع ما هو سبب له من استمتاعهم بما متعوا واشتغالهم بذلك عن شكر المنعم وطاعته والغاية لذلك فكأنه قيل اشتغلوا حتى جاء الحق وهي غاية له في نفس الأمر لأن مجيء الرسول مما ينبه عن سنة الغفلة ويزجر عن الاشتغال بالملاذ لكنهم عكسوا فجعلوا ما هو سبب للتنصل سببًا للتوغل فهو على أسلوب قوله تعالى: {لَمْ يَكُنِ الذين كَفَرُواْ} إلى قوله سبحانه: {وَمَا تَفَرَّقَ الذين أُوتُواْ الكتاب إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ البينة} [البينة: 1-4]، و{بَلْ مَتَّعْتُ} إضراب عن قوله جل شأنه {لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} [الزخرف: 28] كأنه قيل بل متعت مشركي مكة وأشغلتهم بالملاهي والملاذ فاشتغلوا فلمن يرجعوا أو فلم يحصل ما رجاه من رجوعهم عن الشرك، وهو في الحقيقة إضراب عن التمهيد الذي يمعت وشروع في المقصود ما رجاه من رجوعهم عن الشرك، وهو في الحقيقة إضراب عن التمهيد الذي سمعت وشروع في المقصود لكن روعي فيه المناسبة بما قرب من جملة الإضراب أعني {لَعَلَّهُمْ} وفي «الحواشي الشهابية» أنه إضراب عن قوله تعالى: {وَجَعَلَهَا} [الزخرف: 28] إلخ أي لم يرجعوا فلم أعاجلهم بالعقوبة بل أعطيتهم نعمًا أخر غير الكلمة الباقية لأجل أن يشكروا منعمها ويوحدوه فلم يفعلوا بل زاد طغيانهم لاغترارهم أو التقدير ما اكتفيت في هدايتهم بجعل الكلمة باقية فيهم بل متعتهم وأرسلت رسولًا وقرأ قتادة. والأعمش {بَلْ مَتَّعْتُ} بتاء الخطاب ورواها يعقوب عن نافع وهو من كلامه تعالى على سبيل التجريد لا الالتفات وإن قيل به في مثله أيضًا كأنه تعالى اعترض بذلك على نفسه جل شأنه في قوله سبحانه: {وَجَعَلَهَا} إلخ لا لتقبيح فعله سبحانه بل لقصد زيادة توبيخ المشركين كما إذا قال المحسن على من أساء مخاطبًا لنفسه. أنت الداعي لاساءته بالإحسان إليه ورعايته فيبرز كلامه في صورة من يعترض على نفسه ويوبخها حتى كأنه مستحق لذلك، وفي ذلك من توبيخ المسيء ما فيه، وقال صاحب اللوامح: هو من كلام إبراهيم عليه السلام ومناجاته عز وجل، وقال في البحر: الظاهر أنه من مناجاة الرسول صلى الله عليه وسلم على معنى قل يا رب متعت، والأول أولى وهو الموافق للأصل المشهور، وقرأ الأعمش {مَتَّعْنَا} بنون العظمة.


{وَلَمَّا جَاءَهُمُ الْحَقُّ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ وَإِنَّا بِهِ كَافِرُونَ (30)}
{وَلَمَّا جَاءهُمُ الحق} لينبههم عما هم فيه من الغفلة ويرشدهم إلى التوحيد {قَالُواْ هذا سِحْرٌ وَإِنَّا بِهِ كافرون} زادوا شرارة فضموا إلى شركهم معاندة الحق والاستحقاق به فسموا القرآن سحرًا وكفروا به واستحقروا رسول الله صلى الله عليه وسلم.


{وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآَنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ (31)}
{وَقَالُواْ لَوْلاَ نُزّلَ هذا القرءان على رَجُلٍ مّنَ القريتين} أي من إحدى القريتين مكة والطائف أو من رجالهما فمن ابتدائية أو تبعيضية، وقرئ {رَجُلٌ} بسكون الجيم {عظِيمٌ} بالجاه والمال قال ابن عباس: الذي من مكة الوليد بن المغيرة المخزومي والذي من الطائف حبيب بن عمرو بن عمير الثقفي، وقال مجاهد: عتبة بن ربيعة وكنانة بن عبد ياليل، وقال قتادة: الوليد بن المغيرة. وعروة بن مسعود الثقفي، وكان الوليد بن المغيرة يسمى ريحانة قريش وكان يقول: لو كان ما يقول محمد صلى الله عليه وسلم حقًا لنزل على أو على أبي مسعود يعني عروة بن مسعود وكان يكنى بذلك، وهذا باب آخر من إنكارهم للنبوة وذلك أنهم أنكروا أولًا أن يكون النبي بشرًا ثم لما بكتوا بتكرير الحجج ولم يبق عندهم تصور رواج لذلك جاؤا بالإنكار من وجه آخر فتحكموا على الله سبحانه أن يكون الرسول أحد هذين وقولهم هذا القرآن ذكر له على وجه الاستهانة لأنهم لم يقولوا هذه المقالة تسليمًا بل إنكارًا كأنه قيل: هذا الكذب الذي يدعيه لو كان حقًا لكان الحقيق به رجل من القريتين عظيم وهذا منهم لجهلهم بأن رتبة الرسالة إنما تستدعي عظيم النفس بالتخلي عن الرذائل الدنية والتحلي بالكمالات والفضائل القدسية دون التزخرف بالزخارف الدنيوية.

6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13